الأربعاء، 11 يناير 2012

اللادينيون العراقيون : وجودهم وتطلعاتهم


اللادينيين العراقيين : وجودهم وتطلعاتهم 
الحلقة الاولى : لماذا اصبحوا لادينين

كتابات / حمادة





كثيراً ما نَجدُ تقسيمات للمجموعاتِ العراقية وفق القومية او الدين او المذهب او الاتجاه السياسي كالمسلمين والمسيحيين واليهود (نادرين بسبب هجرتهم الى إسرائيل في القرن الماضي من عام 1941 ولاحقا ) وصابئة ويزيدين وعرب واكراد وتركمان وشبك ... الخ . وهي تقسيمات ربما لها ما يبررها وفق عنصر اللاثقة من هيمنة المجموعة الكبيرة على اختها الأصغر منها ، لكن هناك مجموعات مقسمة على اساس فكري بحت وهم اللادينين فهم لايؤمنون باي دين منهم ملحدون ومنهم ربوبيين ومنهم شكوكيين . 
وفي هذه السلسلة من المقالات سأقوم بتعريف السادة القراءة بمجموعة اللادينين العراقيين ، من هم ؟ وكيف اصبحوا هكذا ؟ . وماذا يريدون ؟ وما هي تطلعاتهم للعراق ؟ وما هي اراهم السياسة ؟
وقبل البدأ لابد من تعريف بعض المصطلحات والمفاهيم .فاللادينية تنقسم الى الإلحاد Atheism))والربوبية (Deism) واللاأدرية Agnosticism))ففكرة الالحاد ترفض وجود الآلهة و العقائد الإلهية و تميل دوما لرفض وجود قوة عاقلة متحكمة في الكون ،
واما الربوبيون (Deists) فهم نوعين ربوبي قوي وضعيف ، الضعيف يؤمن بوجود قوة خلف العالم ولكنها ليست اله شخصي بمعنى انها لاتملك صفاة الاله الشخصي مثل الوعي والعلم وما شابه. والقوي هو الذي يؤمن باله شخصي ولكنه ليس اله الاديان ... اي انه لم يُنزل دين. أما اللا ادريون(Agnostics) فهم يقولون لانعلم بوجود اله ولا نعلم بعدم بوجوده ... بكلام اخر: ليس عندنا دليل على وجود اله وليس عندنا دليل على عدم وجوده. وقد يكون اللا ادري ملحداً.
هؤلاء باغلبهم من أصول مؤمنة بديانة معينة لكنهم وفق مسيرتهم الفكرية بدلوا موقفهم تجاه الدين لأسباب مختلفة يكفي انها اقنعتهم .
فأحد المنتمين لهذه المجموعة يقول عن تحوله إلى اللادينية : وصولي للموقف الإلحادي كان عن طريق التنقل بين التيارات الإسلامية الجديدة داخل المذهب الشيعي، وخصوصاً بعد اقتناعي بالتصور القرآني الذي قدمه بعض المفكرين العراقيين. وهذا المفكر الراحل كان يعتقد بأن ’الحرية‘ هي قيمة أساسية في الفكر الديني، وفق التصور الذي يطرحه عن الإسلام.
ولكن اطلاعي المتزايد على النصوص الأساسية للإسلام، من قرآن وسنّة وتفسير، جعلني أصل إلى قناعة تناقض ما كان يعتقد به.
ويضيف قائلاً : بالإضافة لذلك، كنت أفكر في كتابة بحث عن ’منهج التفقه في النص الإسلامي‘ انطلاقاً من النصوص الإسلامية نفسها، وقادني ذلك إلى البحث عن التشابه بين التشريعات التلمودية ونظيراتها الإسلامية، وظهر لي مدى التطابق الشديد الذي لا يحصل إلا بالاقتباس والنقل المباشر.
بعد ذلك، انتقلت إلى انتقاد مفهوم الإله الإسلامي، واستكشاف المبادئ التي قام عليها هذا التصوّر، وبالمقابل كنت أقرأ في نظرية الشواش Chaos Theory التي تثبت بشكل منطقي كيفية نشوء النظام المستقر من قلب الفوضى، وكذلك قرأت عدة مقالات للأستاذ ’إنكي**‘ أثبت فيها وجود احتمال فلسفي معتدّ به، هو الطبيعة الفاعلة بطبعها، دون إلصاق صفة الإرادة أو العلم المسبق بها، لأنها تسبب إشكالات معقدة لا يفترض نسبتها إلى القوة الأساسية الفاعلة في الكون. 
وشخص اخر يقول : ( نشأت في عائلة تعتنق الفكر الماركسي عمومآ واللاديني على مستوى أغلب أفرادها, ولأجله كانت الحرية النقدية متاحة وبهامش حرية كبير هذا بالاضافة الى مكتبة متنوعة مع بعض الانحياز للكتب المادية كما وأن أسلوب الدكتور على الوردي في التعامل مع المقدس هو النمط السائد في العائلة, وعليه كانت نشأتي في تلك البيئة تدفعني لأعتناق العلمانية السياسية وفي العلاقات الاجتماعية أيضآ...بأختصار, أنا ملحد بالفطرة. 
ويضيق قائلاً : رغم تطرفي بأشهار ألحادي لكنني أتمتع بقبول (أن لم يكن حظوة) لدى المحيطين بي وأخص منهم المتدينين وذلك وهو ماشجعني للأعتقاد بأمكانية نجاح الفكر العلماني في مجتمعاتنا .
وحدثنا احد الاساتذة : (انا لاديني ما زلت اؤمن باله هو فوق توصيفات الاديان ولا اؤمن بوجود جنه او نار عند هذا الاله)
ويضيف قائلا : (نها رحله طويله من البحث عن الحقيقه فبعد ان كنت مسلما بالوراثه من خلفيه شيعيه (المذهب الجعفري الاثني عشري) وبعد ان تعلقت بالدين منذ نعومة اظافري (في الرابع ابتدائي بدات الصوم والصلاة التقليديه المعتاده) وكنت متعلقا جدا بالقران حيث قمت بحفظ ثلاثة ارباع القران عن ظهر قلب وكنت منذ الصغر ارتل القران بصوت يستحسنه كل من سمعه ساعدني في ذلك صفاء حنجرتي وحسن صوتي ... المهم في مرحلة الاعدادية بدأت اتمعن في القران بعيدا عن الطريقه الببغاويه وابحث عن التفاسير و اول ايه صدمتني في التفسير هي قصة ذي القرنين ورحلة الاسراء والمعراج.

وبعد ذلك استمرت الصدمات المتوالية على عقلي لاتحول لدراسة الكتاب المقدس بعهديه الجديد والقديم لاجد ان حجم الكارثه هو اكبر مما اتصور مع الاخذ بنظر الاعتبار التشابه الكبير في روايات
الكتاب المقدس مع ما ورد في القرأن وكأنه استنساخ لقصص الكتاب المقدس ولكن بطريقه شعريه عربيه فصيحه ... وبعد هذه الرحله تحولت الى الاطلاع على اغلب الكتب المقدسه للاديان لاجد ان اغلب الاديان تتشابه في خطوط عريضه واحده وتختلف في الفروع الاخرى وهذا ما ساعدني
للوصول الى حقيقة وجود الاله وبشرية جميع الاديان .
يقول شخصاً اخر وهو من اصول سنية ومن قومية كوردية : أنا لا ديني وقريب من اللا أدري , بمعنى أنا لا أؤمن بالأديان لأن لي قناعة أنها من وضع البشر , ولكن هذا التنظيم الدقيق للوجود يستدعي وجود ما يسمى بـ ( المكون الذكي ) , من هو ؟ هذا ما تحاول أن تجيب عنه البشرية منذ أن عرفت التدوين .
ويضيف : كنت (كباقي أعضاء مجتمعي) أقلد ما يفعله أفراد عائلتي الصغيرة و أقاربي في التدين منذ صغري , ولم يكن والدي يعير أي أهتمام للدين ففسح ذلك الحرية في البحث الديني فتأرجحت بين عدم الالتزام الى الالتزام الصارم بالمذهب السني السلفي (أو ما يسمى بالوهابية) وأطلعت عن كثب على باقي المذاهب من صوفية و شيعية , وهنا صار عندي شك ! فكل طائفة ودين تدعي ان لها الحق , وهم في كل فكر لهم مبرراتهم التي تقربك للمنطق و تبعدك , وكانت حتى بدايه الثلاثين من عمري أشك ولكن بحذر وخوف (مما يسمى اله) , ولكن كانت سنة الحسم عندما أنفتح باب الانترنت الواسع وتأكدت من زيف الأديان ورسخ معتقدي ببشرية الاديان كلها .
وحدثني شخصا اخر وهو من اصول شيعية ومن قومية عربية : بان ملحد وعن سبب كونه ملحداً أجاب : لما تكشف انك تعيش بكذبة سببها حجب المعلومات عنك، ومن ثم تقرأ عن الالحاد وتعرف ان الجماعة كلامهم صحيح، نحن نريد دليل على وجود اله حتى نؤمن به ولم يعطنا احد دليل على هذا فنحن غير ملزمين بالتصديق بوجوده.

وأثناء حديثي مع زميل لي في الجامعة حدثني بسبب الحاده قائلا : أنا لم اترك الدين الاسلامي لاني اصلا لم اختاره ، فقد وجدت نفسي محسوبا على هذا الدين رغم أنفي !.
تلقيت تعاليمه بالايحاءات والتكرار اليومي وكم يضحكني حينما اعلم بانهم كتبوا عني مسلم في وقت لا استطيع فيه الكلام ولا الفهم ولا حتى التواصل مع الاخرين كل ما افعله هو الصراخ ولا اعلم حتى لماذا اصرخ لقد حشروني بهذا الدين ولم ياخذوا رايي بهذا الاختيار !.. ، ان مسائل عديدة تكون مصيرية ولا احد يتدخل بحسمها الا الشخص المعني بها كالزواج والدراسة ونوع العمل او الوظيفة والانتماء السياسي فلماذا لايكون الدين منها __اي يترك حق الاختيار للشخص حينما يبلغ من النضوج العقلي ما يجعله اهلا للاختيار . ا على اعتقاد جازم ان كل شخص يخبرك بانه أمن بدينه عن قناعه ان هذا الشخص كاذب او مراوغ يرغب بخداعك لاستحالة الوصول للقناعة التامة على الاقل لعمر الانسان الحالي فالذي يريد التعاون مع شركة معينة عليه ان يدرس كل الخيارات وان يصل لقناعة تامة بان جميع الشركات الاخرى المنافسة ليست بالمؤهلات المطلوبة وهكذا الامر للدين فعليه ان يدرس كل الاديان الاخرى ويثبت فسادها حتى تترسخ قناعته بدينه بعد التاكد من صحته.
والاديان كثيرة جدا اكثر من مائة دين وتحتاج الى اضعاف مضاعة من عمر الانسان بالمعدل الطبيعي حتى يتم التاكد من صحتها وهناك بعض الأديان التي تستنفد العمر في دراسة تراثها واستخلاص عقائدها.. كالهندوسية وكتب الفيدا، والزرادشتية ومجموعة الدينكرد وتراث الحكماء .
..................................................................

Enki** هو اسم مستعار لأشهر ملحد عراقي له كتابات كثيرة في نقد مفهوم الاله وهو صاحب منتدى طبيعي ، الذي يتناول مذهب الطبيعية الوجودية.
http://tabee3i.com/index.php


_________________________________________________
اللادينيين العراقيين :وجودهم وتطلعاتهم
الحلقة الثانية  / نظرة المجتمع لهم
كتابات - حمادة






كأقلية مبنية على العلم او الموقف الشخصي دون الايديلوجية المتوارثة ، فان اللادينين في العراق يُنظر لهم بشزر وريبة من قبل المجموعات الدينية الكبرى ، واثناء تصفحي في موقع( الفيس بوك) وجدت ان اغلب الدينيين (مؤمن بديانة ما ) ينطلقون في النقاش او الحوار مع اللادينين من منطلق المسكنة والنصح والارشاد ، كقولهم : ( انتم فقدتم عقلكم او انتم متذبذبين او خلفكم امريكا واسرائيل ووو الخ ) علماً بان عدو اللادينين الاول هي حكومة امريكا التي مثلها (بوش) كأحد المتطرفين نحو المسيحية والذي نادى باني( احكم باسم الرب) .
وكشيء من الانصاف فاني أجريت حوارات متعددة مع مفكرين لا دينين عراقيين يكتبون بموقع ومنتدى طبيعي
http://tabee3i.com/index

حدثني أحدهم قائلا : المجتمع العراقي يخاف من العناوين الجديدة، وينظر باستهجان إلى الفئات المختلفة.
ذلك لأنه عاش في ظل الخلافة العثمانية، التي تعتبر ’الإسلام‘ وحده ضمانة الاستقرار، وأي محاولة لنقد الموقف الرسمي تعتبر خروجاً عن الدين، وبالتالي يستحق صاحبها حكم المرتد ــ وهو القتل.

لهذا كان دعاة الإصلاح السياسي يخشون دوماً على حياتهم، ويخشون عليها أكثر إن كانوا يدعون للإصلاح العلمي والاجتماعي أيضاً، كما هو الحال في شاعري العراق الخالدين: معروف الرصافي وجميل صدقي الزهاوي، اللذين نشرا العديد من الأفكار العلمية الحديثة من خلال قصائدهما ومقالاتهما، ونالهما لأجل ذلك من الاضطهاد والتهديد شيء كثير.
هذا على أنهما لم يصرحا إلحادهما إلا في طيات الكلام، ولم يشجّعا على إبداء ذلك إلا بعد رحيلهما عن هذا العالم، كما فعل الرصافي في كتابه ’الشخصية المحمدية‘ والزهاوي في ’ثورة أهل الجحيم‘ بصيغتها الكاملة.

والغريب في الأمر أن حال اليوم هو نفسه حال الأمس، وكأنّ جهود الدولة العراقية كلها قد ضاعت سدى.
وحول ما يتمناه لمجموعة اللادينين قال : أنا أتمنى أن تسود حرية التعبير كقيمة لا مساس بها، بحيث يكون للجميع - وعلى رأسهم اللادينيين - حق الكلام بدون قيد أو شرط، وبدون دعاية تحقيرية مضادة.
وهذا لن يحصل إلا بالضرب بقوة على أيدي أحزاب ومليشيات الإسلام السياسي، التي أخذت حق ’يحيي ويميت‘ من الإله الذي تعمل باسمه.

وحدثني شخصا اخر يسكن في بريطانيا : هنا في بريطانيا؟ لايهتمون كثيراً للدين وفي الحقيقة إن المدارس الثانوية لا احد يحب ان يختلط مع المتدينين المسيحيين وتجد اكثر المراهقين يصفون نفسهم بالملحدين.
وعن امنيته لمجموعة اللادينين قال : ان يحصلون على حقوقهم التي تكفلها مواثيق حقوق الانسان وهي حرية الاعتقاد وحرية التعبير عن الاعتقاد بلا خوف.

والتقيت بشاب صغير في العمر ، قد الحد قبل فترة وجيزة قال : عن المجتمع ونظرته لللادينين : ينظر لهم على انهم مدمنو الخمر الذين يبيتون كل يوم في احضان عاهرة جديدة , وهم يشجعون الصهيونيه, وقد تاثروا بمبادئها.!.
واتمنى للجميع اتمنى ان يستطيعوا ان يعبروا عن ارائهم بحرية .
وحدثني احد الاساتذة اللادينين قائلا** : اتمنى ان لا تتحول اللادينيه الى عقيده متحجره لا تقبل الرأي الاخر ولا تعترف باخطائها لان الحقيقه المطلقه لم تكتشف بعد وكل ما توصلنا اليه انما هي نظريات نسبيه قابله للتصحيح.
وعلق على من يكفره ويبيح دمه قائلا : فمن يكفرني ويبيح دمي انما يفعل هذا لان مستوى تفكيره معدوم تقريبا فهو اشبه بروبوت الي مبرمج على حذف كل البيانات التي تخالف البيانات التي ادخلت فيه .. مع ان القرآن يوصف الجنة بان وسعها السموات والارض وهي تكفي للجميع بل انها تكفي لجميع مخلوقات الموجوده في الاكوان، ولكننا نجد ان الطوائف والاقليات تتقاتل فيما بينها للفوز بهذه المساحة الشاسعة التي تبلغ مليارات السنين الضوئية.

والتقيت بشخص لاديني يسكن في اقليم كوردستان فقال لي : طبعا المجتمع ينظر لنا نظرة أستغراب و أزدراء , لأن من طبيع البشر الحفاظ على العادة , وكل ما هو شاذ منبوذ .
وعن امنياته لمجموعة اللادينيين قال : أن يكثرو , أن يثقفوا نفسهم أكثر , محاولة كسب الأكبر سنا , أن يكونوا أيجابيين أكثر في المجتمع.
واثناء اتصال هاتفي مع صديق يسكن منطقة (؟) قال : ان مجتمعي ينظر لكل من لايكون جزء بتكوينه الديني نظرة دونية ، لكنه لن يتعرض للخطر ما دام منفردا بدليل وجود شيوعيين ملحدين لا احد يقترب منهم ، ولكن حينما نقوم بنشاط انساني وعلمي وهو من حقنا يتم تصفيتك من قبل الاوباش لا من عموم الناس الطيبين ، واكثرنا نختبىء تحت عناوين العلمانية او الليبرالية نظرا لوجود مشتركات كثيرة بين الحرية الدينية والعلمانية فهدفنا ليس انهاء الدين بل جعله خيار شخصي لا ان يكون مصدرا للحكم على الاخرين او بديلاً عن قانون الاحوال المدنية او مبادىء حقوق الانسان والمواطن.
وعن امنيته : قال لا نريد الا حقنا بالتواجد والنشاط ضمن قانون البلد ، وتبديل المناهج الى اخرى علمية وتكون المواد الدينية خيارية للطالب ، حتى لا نجبره على دراسة ديانة ما دون رغبته ....
وعن نشاطه سالناه فاجاب : نشاطي هو فقط بعالم الانترنت فقد انشئت مع اثنين من اصدقائي مدونة عبر النت وكتبنا فيها 3 مواضيع وسنقوم بالكتابة يوميا لنعبر عن ارائنا ولا نريد من الاخرين الا القراءة وفهم وجهة نظرنا اسم المدونة هي ملحدون عراقيون http://iraqel7ad.blogspot.com

ربما يستغرب القارىء من الاسلوب الذي اتبعه في كتابة هذه السلسلة لكني افضل هذا الاسلوب لكي يكون الاخرون هم من ينطق بارائهم بدلاً من عملية التحرير والاعداد ، فليس المهم ان اكتب راي وتحليل بل اترك الامر لهم . هذا وانا اوعد القارىء بعد الانتهاء من هذه السلسلة ساقوم بكتابة مقالات متنوعة عن الفلسفات الحديثة وعن اللادينية ومنطلقها واهميتها وعن المنهج العلمي .






________________________



اللادينين العراقيين :وجودهم وتطلعاتهم
  الحلقة الاخيرة :موقفهم من الوضع الحالي


كتابات - حماده



كنت أخطط لجعل هذه السلسلة من 6 حلقات ، وتكون ناطقة باسم اللادينين العراقيين لكن ظروف قاهرة ستحول بيني وبين اكمالها ، وكانت زيارتي في العراق فرصة طيبة لان التقي ببعض اللادينين والتعرف عليهم من قرب ، لهذا ستكون هذه الحلقة هي الاخيرة وساجعلها على شكل محاورة مع اللادينين وسارمز لهم باحرف ابجدية خوفا من التصريح باسمائهم ، واُذكر الساسة العراقيين بان هؤلاء هم مكون اصلي في العراق فيجب حفظ حقوقهم خصوصا ان اغلبهم من المفكرين واساتذة الجامعات وحذرهم من البطش الاعوج للارهاب الاصولي هو من جعلهم يختبؤن مؤقتا تحت عناوين اخرى . واليكم نص الحوار مع كل من السيد الف وباء وجيم ودال وهاء وواو .
* هل تؤمن بالقومية ؟ لماذا ؟
السيد الف : لا أؤمن بالقومية - العربية مثلاً - لأنها دعوة قائمة على افتراضات غير تامة، وهادفة إلى أمور قد تتحقق معها وبدونها. لهذا فأنا أعتبرها ’غير ضرورية‘ وفقاً لموس أوكام.
السيد باء : أؤمن بالقومية المبنية على الانتماء الوطني (التجربة الفرنسية(
السيد جيم : لا، بل انا اقرب الى الوطنية اما القومية فقد ذهب زمانها مع ذهاب هتلر وموسيليني
السيد دال : لا اؤمن بها , انا اؤمن بالمصلحه الشخصيه العليا, ومصلحتي فوق كل اعتبار , وروابط مثل الدم هي روابط وهميه وزائله.
السيد هاء : لا , لأن التأريخ أثبت بأن القومية هي من أساسيات بداية الكوارث وأنهيار الحضارات , أنا من مناصري أنصهار الفرد في مجتمع واحد أنساني في ظل سيادة قانون عادل
وسبب أعتقادي هذا , أعتقد يعود لكوني من والدين من قوميتين فأبي كردي و أمي عربية مما أتاح لي فسحه من الحيادية في مسئلة القومية
السيد واو : برغم عروبتي التي لا تشوبها شائبه ولكون جدي كان زعيم قبيله عربيه كانت ومازالت مشهوره في العراق الا انني اعتبر القوميه هي شكل من اشكال العنصريه البغيضه وهي خنجر مسموم في خاصرة الانسانيه فشعاري الاول والاخير نحن اخوه بالانسانيه لاتفرقنا القوميه ولا الاديان

* هل تؤيد الحوار الديني اللاديني علنا ؟كيف ولماذا؟
السيد الف : قد أؤيده في حالة واحدة: وجود أشخاص مؤهلين من الطرف الديني، وقيادات دينية مؤثرة، تستطيع القبول بوجود الملحدين عملياً وفعاليتهم في المجتمع.
ذلك لأن الكشف عن هوية المحاورين اللادينيين وعرضهم علناً، سيكون فيه خطر شديد على حياتهم، فيما لو بقيت الظروف الحالية.
السيد باء : نعم أؤيد هذا الحوار في مرحلة لاحقة وليس ألآن وذلك لتفادي ردود الافعال المستفزة وأفضل أن يكون الحوار حاليآ مهتمآ بتهيأة الشارع لتقبل رؤية جديدة, وأؤكد على أن الرؤية الجديدة هي غاية بحد ذاتها لأنها ستكون تأسيسية لرؤى أكثر وضوحآ ورسوخآ بالارتكاز على تقبل الشارع لطرح الجديد...فلا نمارس الخطأ اللذي وقع به الشيوعيون عندما عبؤا أفرادهم بالفلسفة المادية دون تحصينهم من الضغط الاجتماعي الرافض لتلك الطروحات فكان أن عادوا الى ثقافتهم الدينية عند أول أنتكاسة أو أول أنذار بقرب الاجل.
السيد جيم : بالتأكيد، من حقك كانسان ان تعلن عن معتقدك وان تمارسه صراحة. أما كيف؟ فعبر موقع الكتروني او صحيفة او اذاعة مثلنا مثل البقية. وموقع طبيعي احدى هذه القنوات (http://tabee3i.com/index.php ) ففيه الملحد والمؤمن والقومي والشيوعي والاشتراكي الاسلامي والعلماني المسلم والمسيحي والبوذي ووو نحن نتناقش ونتحاور بكل احترام .كذلك مدونة ملحدون عراقيون http://iraqel7ad.blogspot.com)/)
فضلا عن اشتراكنا بمواقع اخرى .
السيد دال: اجل اؤيده ,بالنقاش في المنتديات , حتى يعرف الجميع بان هناك ثلة قائمة على اساس فكري علمي بحت وان اغلب علماء الغرب هم من هذه الثلة فالحقيقة تنتصر دوما .
السيد هاء : نعم , لأن كلما زاد الحوار العلني قل التطرف و الارهاب
السيد واو : نعم فالحوار الموضوعي الجاد يجعل الطرفين يقتربان من فهم الحقيقه النسبيه ولو بشكل مجزيء او متقطع وبالتالي تختفي صفة التعصب والحقد واقصاء الاخر التي غلبة على التدين بصوره شموليه

* هل تؤيد وضع اسم الديانة بهوية الاحوال المدنية؟ لماذا؟
السيد الف : طبعاً لا، لأن الدولة المدنية تقوم على اعتبار الإنسان كياناً مستقلاً بذاته، لا يتحمل أي مسؤولية عن التراث أو الدين الذي نشأ ضمنه.
السيد باء : لا أويد ذلك على الاطلاق...أذ لا أفهم حاجة الدولة لمعرفة معتقدي كما وأنه بند يحدد من قبل الاهل وبالتالي فهو صك مصادرة مسبق لحرة الفرد في الاعتقاد المكفول دستوريآ.
السيد جيم : اؤيد ان يكون هناك خيار ان تكتب لاديني والا لابد ان تحذف، ما فائدتها على اي حال؟
السيد دال : بالتاكيد لا اؤيده , لانه يعبر عن وجهة نظر قاصره , فانا قد يتغير معتقدي بين ليله وضحاها.
السيد هاء : لا , لأنه ضد الانسانية
السيد واو : لا اؤويد ذالك لانها تسبب في صنع حواجز ثقافيه وفكريه بين الناس تذكرهم بثارات الاديان والتمايز بينهم .

* ما هو موقفك ممن يكفرك ويبيح دمك ؟لماذا؟
السيد الف : من يكفّر اللادينيين لا يقتصر عليهم فقط، بل هو يكفّر معهم قطاعاً عريضاً من المنتمين للأديان، وأعني بهم العلمانيين أو غير الملتزمين بالشريعة، بالإضافة إلى أبناء الطوائف الأخرى.
ولهذا فالتكفيريون خطر على وجود الدولة، وليس على أمنها فحسب، لأنهم ينكرون حق المواطنة والحياة للآلاف من الناس.

هذا بالإضافة إلى أن أكثرهم يشتغل ضمن خطط إرهابية عالمية، أو يعمل لصالح دولة دينية أجنبية. لذا فإنهم يعتبرون عملاء، يهدفون لتخريب الوطن وزعزعة النظام.

السيد باء : أفضل التعامل معه قانونيآ من باب التحريض على القتل ولأثبات فقر اللذي يشوب معتقده في باب القابلية على التطور وتقبل ألآخر...أي أسخره لصالحي.
السيد جيم : لن نزول بلا مقاومة. لن نستخدم تكتيك دموي ولكننا لن نذهب في الظلام بلا مقاومة.
السيد دال : يجب تطبيق عقوبته عليه, لماذا ؟ حتى يعرف معنى افعاله, ويحاكم بقانونه.
السيد هاء : لا أجتمع معه في مجال 1000 كم مربع , وأفضل العيش في الصحراء على العيش مع مجرم وأرهابي , لا خوفا ولكن لا أطيق لا أطيق الجهل
السيد واو : اعتقد ان الجواب على هذا السؤال لا يحتاج الى الكثير من التمعن والتفكير.

فمن يكفرني ويبيح دمي انما يفعل هذا لان مستوى تفكيره معدوما تقريبا فهو اشبه بروبوت الي مبرمج على حذف كل البيانات التي تخالف البيانات التي ادخلت فيه .. مع ان القرأن يوصف الجنه بان وسعها السموات والارض وهي تكفي للجميع بل انها تكفي لجميع مخلوقات الموجوده في الاكوان
ولكننا نجد ان الطوائف والاقليات تتقاتل فيما بينها للفوز بهذه المساحه الشاسعه التي تبلغ مليارات السنين الضوئيه.

* هل تسعى لاقامة دولة لا دينية سلمية ؟
السيد الف : هذا السؤال قد يبدو غير دقيق في اللغة العربية، بسبب ظلال المعاني غير المرغوبة لكلمة ’لادينية‘ ــ لأن ’لا‘ تستخدم في النهي والتحريم، كما في النفي والإنكار.
إن كنت تعني ’دولة غير دينية‘ بمعنى أن الأحزاب الكبرى فيها لا تحمل أجندة دينية، وأكثر السياسيين الفاعلين هم غير متدينين، فأنا مع هذه الفكرة بلا ريب.

وبخصوص مسألة ’السلمية‘، فأنا أؤيد التجربة اليابانية بعد عام 1945، حيث أصبح الجيش الياباني مؤسسة لا تتدخل في الحروب لصالح دول أخرى، بقدر ما تساهم في الإعمار والبناء ــ وهذا ما تم على أيدي الوحدات اليابانية التي استقرت في السماوة، حيث ساهمت في بناء مستوصفات ومدارس جديدة، وتوفير مياه الشرب النظيفة، وما إلى ذلك.

السيد باء : لا أفضل مصطلح الدولة اللادينية بل أفضل الدولة العلمانية الغير مهتمة بأثبات الدين أو نفيه, فطرح الدولة اللادينية سيبرر وجود الضد (الدولة الدينية) وهي معركة لسنا بحاجة للخوض فيها.
السيد جيم : بل علمانية. مع انني لا اميل الى السياسة.
السيد دال : كلا.
السيد هاء : نعم
السيد واو : انه حلم مستبعد ومع ذالك فأنا مع خيارات شعبي حتى وان اختلفت معهم لانهم قوم لايعلمون حقيقة الدين ومع ذالك لو علم الشعب حقيقة الدين لاصبح مثلي تماما.

* لو كنت مسؤول عن وضع المناهج الدراسية فما هي خططك لتطوير هذه المناهج ؟
السيد الف : تطوير المناهج وحده لا يكفي، بل يحتاج إلى تجديد الملاك التدريسي أو تطوير مستواه بشكل دقيق ومدروس.
بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يكون المنهج في المواد العلمية معداً بحيث يقوّي من الحسّ النقدي، ويعزز المهارات التحليلية والمنطقية. ويحتوي كذلك على تصورات مبسطة لأحدث النظريات العلمية التي تفسر الطبيعة، بحيث يفهمها الأبناء قبل الآباء، وتتكون لديهم حصيلة قوية في مواجهة الخرافة والدجل باسم الإله.
وفي المواد الإنسانية يجب أن لا يعتمد على الحفظ إلا في حدود مدروسة، ويدخل أسلوب ’السبب والنتيجة‘ في فهم التاريخ، وأسلوب ’الصورة العامة‘ في الجغرافيا والجيولوجيا. فتتحول هذه المواد إلى تجربة جميلة، بدلاً من ’تعذيب للعقل‘.
وأقترح استبدال مادة ’التربية الإسلامية‘ بمادة أكثر شمولاً وفائدة، مثل ’التربية الأخلاقية‘ التي تشرح مبادئ الأخلاق العملية من منظور اجتماعي، بالإضافة إلى ’الأديان‘ التي تعطي تصوراً عن الأديان الأكثر والأسرع انتشاراً في عالم اليوم، بشكل تعددي عقلاني.
وكذلك أقترح إضافة لمحات مبسطة عن الفلسفة في المراحل المتوسطة والإعدادية، لأجل ترشيد عقولهم وتحريضها على التفكير.
بالإضافة إلى ذلك: أقترح أن يكون منهج اللغة العربية قائماً على النحو الوظيفي الذي يدرّس وظائف الكلمات القواعدية وأزمان الأفعال وما إلى ذلك، بدلاً من النحو الإعرابي الذي يدرّس الخصائص الإعرابية لكل صنف من المفردات، دون تكوين حصيلة لغوية فعالة لدى الطالب.
وكذلك إضافة مادة ’التربية الجنسية‘ بصيغة تتناسب وأعمار الطلاب في تلك الفئات، لكي يتعرفوا على هذا الجانب المهم من تكوينهم الجسدي بشكل علمي صحيح، يحميهم من الانحرافات المضرة والأمراض السارية.
وهذا الاقتراح الأخير لا يتمّ إلا بوجود نظام مدروس للمدارس المختلطة في كل المراحل، يتضمن رقابة شديدة على المتحرشين والشقاوات من الجنسين.
السيد باء : ساجيب بعدة نقاط :
أولآ : تقنين المواد وزيادة التخصصات.
ثانيآ : خصخصة التعليم الجامعي كخطوة أولية نزولآ والتوقف عند التعليم الابتدائي اللذي يجب أن يبقى حقآ تكفله الدولة للجميع.
ثالثآ : الغاء مادة التربية الدينية لأن الدولة غير مسؤولة عن أعتقاد مواطنيها.
رابعآ: ربط التخصصات الصناعية بعجلة الانتاج الصناعي حيث تكون لدى المصانع معاهدها الخاصة بها.
رابعآ : ربط الشهادة الجامعية بآليات السوق من عرض وطلب.
خامسآ: تنمية النشاط الصيفي للطلبة من فعاليات رياضية ومخيمات كشفية كفروض أساسية... أذ لاحاجة لصرف الاموال على مواد غير أساسية.

السيد جيم : ساجعلها علمانية بحتة واحظر تدريس الدين في المدارس.
السيد دال : زيادة المستوى العلمي , وجعل المواد الدينيه كمواد اختياريه , للطالب الحق في دراستها من عدم دراستها.
السيد هاء :
1-أعتمد الكادر الشاب المتخرج توا من الدراسات العليا التربوية لوضع منهجا يواكب العصر وكل ضمن أختصاصه الدقيق
2- الغاء مادة الدين
3- تنقيح كتب التأريخ تنقيحا دقيقا
4- جعل البحث العلمي العملي هو أساس الدراسة ويأتي بعده البحث النظري.

السيد واو : التأكيد على العلوم التطبيقيه البحته والاهتمام بالعلوم الحديثه البحته وحذف مادة الدين والتاريخ التي تعتبر من اخطر المواد التي تساعد في انتشار السموم والتخلف والتي طالما كانت السبب وراء التخندق الطائفي والقومي

* كلمة توجهها للقراء ؟
السيد الف : لعالم المتقدم يدرس سياساته ثم يطبقها، ليفرح بالنتائج، أما العالم الثالث فهو يطبق أي شيء ثم يتفرج على العواقب، ليبكي جراءها بكاء الثكلى.
نحن نحتاج إلى ثقافة عراقية أشدّ من حاجتنا إلى سياسة عراقية، فمن الممكن أن يأتي أي سياسي أجنبي ليحكمنا بالانتداب، ولكن لن يفهم العراق حقاً إلا سياسي عراقي واعي.

السيد باء : كيف ماتكونوا يول عليكم... وعلينا تقع مسؤولية التغيير.
السيد دال : المكون الاجتماعي الذي لايعترف بالمكونات الاخرى ، يجب ان يراجع نفسه وينظر بعينين للواقع ، فالمعادلة بتغير ، يجب ان تقوم الحياة على الواقع لا على الوهم .
السيد جيم : حرروا عقولكم! وتفكروا وادرسوا ، اتركوا كل ما لايفيد ، لنجعل العراق بلدا افضل من كل البلدان خالي من كل نوع من انواع التمييز الطائفي والعرقي ، لنرقد بسلام في ارض الرافدين .
السيد هاء : أعطي لنفسك لحظات للتأمل , عسى أن تكون مخطئا قبل أن تشهر سيف قمعك
وأعمل خيرا ما دمت حيا , أنما هي حياة واحد وغدا سنكون ترابا
السيد واو : عندما تريد ان تبحث عن الحقيقه فأجعل عقلك حياديا منصفا واترك عواطفك جانبا تقبل الاخر وان اختلف معك ايدلوجيا او عقائديا وتذكر ان للانسان اصلا واحد سواء كان قردا ام ادما وما اختلفت البشريه الا بعد ان تمسكت بخرافات الاديان.

* هل تحب الشاي ام القهوة ؟
السيد الف : الشاي المهيّل غير الثقيل، أحب تناوله في الصباح وفي أول ساعات الدراسة.
السيد باء : أحب الشاي بعد الاكل مباشرة والقهوة مابين فترات الأكل...وبكثرة في الحالتين.
السيد جيم : كلاهما محبوب
السيد دال : ليس مما سبق.
السيد هاء : أحب الاثنين , والشاي أكثر بقليل
السيد واو : الشاي مشروبي اليومي اما القهوه فهي للضيوف الاعزاء وخاصة تلك التي تخلط بالحليب

اتمنى اني قد وفقت لجعل هذه المجموعة العراقية ان تعبر عن ارائها بعيدا عن تدخلاتي ووضع ارائي وتحريف او تأويل كلامهم ، وليس المهم ان اقول من انا او ما هي ديانتي ومذهبي بل المهم اني عرفت السادة القراءة بمجموعة فكرية وعلمية


***
هذه الحلقات الثلاث نشرت على موقع كتابات قبل عدة سنوات.