فوبيا الموتى المقدسين
الموت هي الكلمة الاكثر صعوبة في تفهمها لدى الانسان ، انها كلمة من أجلها تم أختراع الاديان و ملحقاتها من طقوس وقرابين تقدم للاله ، كان البشر في قديم الزمان يقدمون الضحايا والقرابين من نساءٍ واطفالٍ وحيوانات للالهِ حتى يأمنوا شرها ، ان البشرية بصورةٍ عامة تقدسُ الموتى وتهتمُ لإمرهم أكثر من إهتمامها للاحياء ، وهذا المعنى مؤكد جداً في المجتمع العراقي ، فهم يقدسون الأموات دون الاحياء ، فالميت كائن مقدس لايمكن ان نذكر شخصهُ بسوءٍ وكما قيل في التراث الديني (إذكروا حسنات موتاكم ) بينما الامر عكس ذلك عند الاحياء ، والميت يحلف به الناس ولايكذبون باسمه خلافاً للحي الذي لا احد يقسم به او يذكره في القسم والحلفان ، لهذا نجد الناس تكذب بقسمها بالله ولا تفعل هذا عند قسمها بالموتى المقدسين كالعباس بن علي واهل بيت محمد رسول الاسلام عموما ، حينما نمرض لا احد يهتم لنا الا قليلاً ربما العراقيون يزورون المرضى لكن لايعطلون اعمالهم من اجل عيادتهم خلافا للموتى فهم يلتهون بحضور العزاء لمدة ثلاثة ايام وهذا تعبيراً منهم لاحترام الميت ، ان الاعراس لدينا ليوم واحد اما مجالس عزاء الموتى فتكون 3 الى 7 ايام تلحقها يوم السبعة والاربعين ودورة السنة ، ان الموتى قد أخذوا جانب مهم من وقتنا رغم ان هذا الوقت لو كرسناه للاحياء لكانت النتائج افضل ।
حينما يحتاج الحي الى بعض الاموال لسد رمق عيشهِ لن يجد المساعدة الا نادراً اما الميت فالجميع يرغب بالمساهمة لعمل مجلس العزاء والفاتحة وذبح القرابين تخليداً لذكراه .
اننا نصنع قبور بهندسة حديثة كقبور المرمرِ او السراديبِ او المراقدِ بينما الحي لا احد يهتم لحالهِ الا قليلاً ، اعرف عائلة ترغب ببناء مرمر على قبر جدهم بينما الجد حينما كان حياً لم يعطوه الا فراشاً ولحافاً !।
جرب وانظر الى جنازة فوق سيارة تسير بشوارع بغداد ، وشاهد حالة الهيبة عند الناس وكيف يلقون التحية على الميت ، اما الحي فلا احد يكترث لامره !।
تشيع لجنازة في الفلوجة
وإذا دخلت الى اي منزل من منازل بغداد ستجد صور الموتى في كل زاوية اما الاحياء فصورهم معدومة وربما معلقة لكن ليست بترتيب صور الموتى .
في كل خميس يعمل الناس ثواب من طعام او فواكه على روح الميت ، رغم انه حينما كان حياً لا احد يجلب له هذه الاشياء .
قبل سنوات كثيرة اصاب بغداد مرض الطاعون ، والجثث ملئت الشوارع ومع هذا فالناس تهتم بتجهيز الميت على اكمل وجه رغم خطورة هذا الامر فهو يسبب نشر العدوى خصوصا ترتيبات التغسيل والتكفين ، والتي يحرم منها الحي ، فلا احد يهتم بنظافة المشردين او ايواهم بينما نسرع لدفن الموتى وتغسيلهم ووضع الحنوط والطيبات بين اكفانهم ।
حينما تلعن الحي ، لن يكون الامر خطيراً لكن الويل لك ان شتمت ولعنت الاموات ، ستصابك اللعنة وينتهي بك المطاف في المستشفى وفي راسك الضمادة جراء الضرب المبرح الذي تعرضت له .
حتى عند المؤسسات الثقافية فهي تكرم المبدعين الموتى اكثر بكثير من الاحياء ولا تحتفل بهم دوما ، خلافا لمن رحل عن هذه الدنيا ।
انها معادلة واضحة بان الناس تقدس الموت وتخشاه لانه مجهول بالنسبة لهم ، ان قضية الموت والمجهول المصاحب لها ، كانت سببا لنشوء الاديان والفلسفات الاخرى التي تقدم القرابين والاضحيات من اجل الراحة النفسية ।
الم يأن الاوان لنقدس الحياة بدل الموت ، فالاحياء اولى من الموتى الذين انتهت مرحلتهم وهم الان في راحة من كل شيء.
مرحبا شباب الى علام الالحاد انا من المتابعين بشغف لكل مواقع الالحاد على الشبكة العنكبوتية... سعيد جدا بوجودكم ... والرجاء نريد الكثير من الاستفزاز وفتح الدفاتر القديمة
ردحذفشكرا جزيلا موضوع غاية في الروعة
ردحذف