فرض الاله ليس بمحال ولكن ؟
(1)
نهاية اله الفراغات
إن فرض اله لملى فراغ
معرفي لا يحل المشكلة أساسا لأنك حينما تريد معرفة شيء تجهله تلجا الى المعرفة
الموجودة لتكمل الفراغات بالأشياء الثابتة ، وفرض اله لرسم نموذج تخيلي يجعل
المشكلة بمشكلتين فأنت حتى تريد معرفة الواقع لانك لا تعرفه وتفرض اله لسد فراغات
تلك المعرفة تكون قد أضفت لعدم معرفتك للواقع عدم معرفتك للإله نفسه ! ..
فنحن لا نعرف الإجابة ونفرض ما لا نعرفه ! ، بمعنى نحن لا نعرف الاله كيف تكون وسبب وجوده ونفرض وجوده حتى نعرف كيف
تكونا وسبب وجودنا ، وخلافا للفيزيائيين النظريين حينما يفرضون الاشياء الغير
ثابتة لاكمال نموذج تفسيري للكون فاثباتهم لا يمكن قبوله الى ان يتم اختباره
واثباته تجريبيا بالطرق العلمية ، اما اله
الفراغات ففرضه لاينفك عن الالتزام بان نكون ممتنين لخلقنا من قبله وتقديم
القرابين وغيرها من وصايا المتحدثين باسمه . فالنتيجة ان فرض اله لسد فراغ معرفي
لايستلزم أي شيء الى ان يتم اثباته بالطرق المقبولة .. فاله الفراغات ليس اثباتا للاله بل هو نقطة
هروب من عدم المعرفة .
(2)
لماذا الله غير موجود
في المجالات الرئيسة
الثلاث التي كونت هذا العالم وهي البيولوجيا ، الكيمياء ، الفيزياء فانه من المؤكد علميا ان الأشياء
تنتقل من البساطة الى التعقيد .. من القلة الى الكثرة فلو رجعنا إلى الوراء إلى
لحظة الانفجار العظيم فإننا سنشهد تطور وتعقيد وتكاثر بكل شيء تقريبا حتى أصبح العالم كما هو الان. فافتراض إن سبب الأشياء البسيطة الأولى بالكون هو كائن
معقد (باعتبار ان مفهوم الاله - وان تم الادعاء انه بسيط فلسفيا
لكنه اله يخلق ويريد ويبعث رسل بمعنى انه
معقد من ناحية طبيعية (بيولوجيا،
كيمياء ، فيزياء) - هو افتراض يخالف كل من الحدس الفطري وموس اوكام والتسلسل
التطوري للاشياء اي انه يخالف العلم .
طبعا الحدس الفطري ليس هو المقياس دائما باعتبار ان هناك أشياء ثابتة علميا
تخالف هذا الحدس وكذلك موس اوكام فليس كل نظرية بفروض ابسط من غيرها هي الأكثر ترجيحا
. والتسلسل التطوري دائما صحيح .. وبوضع هذه الأشياء الثلاثة معا (بمعنى وضعها معا كمقياس لفرض الأشياء باعتبارها منبثقة من
الواقع ) أمكن فهم إن العلة الأولى على الأقل بمقياس ما يمكن فهمه لابد ان تكون
بسيطة جدا بل ببساطة غير متناهية وان كانت
معقدة فهي منبثقة من أشياء ابسط منها .. لهذا فالملحدون يؤمنون بالقوة الفاعلية
دون الغائية لكن خلافهم مع المؤمنين بان هذه القوة الفاعلية بسيطة ولا تحمل صفات
معقدة كصفة كلي العلم والحكمة والإرادة والحياة .
(3)
اسئلة الانسان الكبرى
بعد النصر الدارويني المذهل باثبات نظرية التطور بصورة تجريبية بقيت بعض
المشكلات التي يحاول العلماء التوصل الى ارجح الفروض واثباتها ولو تمكنوا من ذلك
لما بقي لفرض الاله من طائل الا في عقول قلة لا تفهم شيئا من العلم وهذه المشكلات هي :-
1- أصل الحياة (للان هناك ثمان نظريات لكنها ليست مؤكدة بقدر تأكيد نظرية
التطور).
2- مفهوم الوعي (ما هو ؟وكيف تطور؟ وهل بالإمكان نسخه وتوليده رقميا؟).
3- الخلود (هل يمكن الانتصار على الموت والتحكم بالحياة؟ ).
4- الكون (هل يمكن اكتشاف كل ما في الكون والتلاعب به ؟ الى درجة إنهاء مسالة
انهيار الكون ومخاطر تعرض الحياة الى الاندثار ).
ان مشكلة الانسان الحقيقية تكمن بهذه النقاط
الخمسة (اضف للنقاط الاربع ما تم اثباته بنظرية التطور ) والفلاسفة قديما وحديثا
انصب عملهم على البحث عن هذه الاشكاليات بالبحث عن (من اين) و(كيف) و(لماذا) و(الى اين )
.
والإجابة التقليدية للمؤمنين هي فقط الله (او
ضع اسم الهك المفضل او حتى الغير مفضل ) وتم تلخيص هذه المشكلات بالقول الديني
الاسلامي ( انا لله وانا اليه راجعون) و
(منها خلقتم واليها ترجعون )
تتلخص كل هذه الاشكاليات بالبحث عن اصل
الواقع الذي نعيش به وكيف وجدنا وتطورنا والسبل لبقائنا على قيد الحياة الى الابد و
بالوسائل المقبولة لرفاهيتنا والطرق الافضل للتحكم بالواقع الذي نعيش به .
والمجال الذي يبحث عن هذه الأمور كلها هو
العلم .
اذن فرض الاله ليس بمحال لكنه غير صحيح علميا
، والعلم يبحث عن مشكلاتنا بطرق بعيدة عن التكهنات التي يعج بها اصحاب اله
الفراغات .