لمذا يتبع الانسان الاديان وفق النظريه الغائيه؟

كنتيجه حتميه للانتخاب الطبيعي توفرت بدماغ الانسان ميزات حافظت له على البقاء, وهي توقع التصرفات , وهي كما صنفها الفيلسوف دانييل دينيت في المبدأ الغائي.
دينيت صنف طريقة تعرف البشر على تصرفات محيطهم , سواء كان ذلك المحيط يمثل حيوانات , الات , او حتى تصرفات البشر انفسهم, وهي كما صنفها مبادئ ثلاثه:
1.المبدأ الفيزياوي:وفق هذا المبدأ يقوم دماغك بالتحليل الفيزيائي للمؤثر ويقوم بالتقرير وفق نتيجة ذلك التحليل , مثلا لو رأيت جسم ساقط باتجاهك , فان دماغك سيقوم بالتحليل وفق المبادئ الفيزيائيه البسيطه , ليقرر ان هذا الجسم يتجه باتجاهك , وبذلك يقوم دماغك بامر جسمك بالابتعاد لتجنب الخطر.
هذه الحااله مفيده لكن ليست في كل الاحيان, فالدماغ ليس بامكانه التحليل الفيزيائي بسرعه كافيه لكافة الاشياء حوله , فربما سيأخذ منك فهم المبدأ الفيزياوي لعمل المسدس وقتا اكثر من الذي تملكه لو وجه باتجاهك.
2.المبدأ التصميمي:وفق هذا المبدأ يقرر الدماغ التصرف وفق نتائج موضوعه سابقا , ففي مثالنا السابق , الدماغ يعرف بأن المسدس يمثل تهديدا للحياه , حتى لو لم يعرف الية عمله , ولنفس الشيئ , فأن الدماغ يتوقع ان يعمل التلفاز اذا وصلته بالتيار الكهربائي وضغطت زر التشغيل , من غير ان يعرف الكيفيه التي عمل بها , وهذا يوفر عليه جهد كبير في التحليل وفق المبدأ الفيزياوي.
*لايهم المبدأ التصميمي كون المؤثر ناشئ نتيجة فعل عاقل او فعل غير عاقل , الامر الذي يهتم به هو وجود تصميم.
3.المبدأ الغائي:وفق هذا المبدأ , يفسر الدماغ كل الاشياء التي حوله على انها تملك غايه , بغض النضر عن مبادئها الفيزياويه او التصميميه , فأن الجسم الساقط بأتجاهك –غايته- الاصطدام بك , وهذا التفسير موجود منذ نعومة اضفار البشر , وقد افاد البشر كثيرا اثناء تطورهم , فلكل شيئ حولهم غايه او هدف , فعندما يهاجمك حيوان مفترس , فانت لاتهتم بجزيئاته وضغط دمه"القصد المبدأ الفيزيائي",او الطريقه التي ركبت بها عضلاته ليمتلك القوه لكي يقتلك وبتصميم اسنانه "المبدأ التصميمي" بل الذي يهمك هو ان لهذا الحيوان الغايه على اكلك , لذلك يعطي الدماغ الايعاز بالخوف والهرب.
*المبدأ الغائي لايفرق ايضا بين المؤثر الواعي والمؤثر غير الواعي.
ولو قمنا بتفسير الاقتناع الديني فأننا سنصل لنتائج مرضيه جدا , فالشهب مثلا , والتي هي علميا ليست سوى كسور من مذنبات ونيازك تطوف في الفضاء , وفي عقل الانسان البدائي , يجب ان يكون لها غايه , وهنا يضهر الدين كمفسر لها:
"كانت رجوما للشياطين"
فهنا يملأ الدين فراغا لم يستطع التفسير التصميمي او التفسير الفيزيائي ملئه "في وقتها", واصبح الملائكه يرمون الشياطين بالشهب لكي تحرقهم , والشياطين اذ تصعد الى السماء "غايتها" هي الاستماع لاحاديث الملئ الاعلى.
اما الملائكه "فغايتها" حماية الملئ الاعلى من تصنت الشياطين, ولو نتتبع هذه السلسه سنرى ان الدين قد وفر تفسيرات"اقل مايمكن القول عنها وفق التفكير الحالي بأنها سخيفه" حول اللماذا.
وهكذا نرى ان الدين ارضى التفسير الغائي للدماغ,اما الان ونحن نعرف التفسير الفيزيائي لها , فالدماغ لايعطيها اي مساحه او اهتمام, فهي وفق التفسير الفيزيائي ليست بذات اهميه او مضره للانسان.
نفس التصورات نراها تملأ الاديان , حول اسباب الكسوف والخسوف , فهي"غايتها" في الاسلام , معجره من الله , يريد "غايته" ان يرينا معجزاته , فهو يحرمنا ببساطه من مصدر الضوء والدفئ ليرينا قدرته.
مالذي علينا فعله؟
الصلاة والدعاء له, والاعتراف بانه القوي والقادر.
وقد استغل الدين اكثر سؤال طرح في ذهن البشريه يتعلق بالغايه يوما , وهو الوجود , فكم من مرة تقرأ عن سر الوجود , ولماذا نحن موجودون.
بالتأكيد الدين كان حاضرا وبقوه هنا , فبينما يرى الانسان ان وجوده في بيئته هو امر محير , فمالذي يمثله الانسان لو قورن بما حوله؟
ونحن اذ نتكلم هنا , نتكلم عن انسان لم يكن يمتلك من المعرفه سوى النزر اليسير الذي لم يكن ليشفي غليله من كم الاسأله المطروحه حوله , فلماذا هو موجود , ولماذا يموت الناس؟ ولماذا يمرض هو ولا امرض انا؟ لماذا هو ني وانا فقير؟
هنا وجد الدين كمتنفس لهذه الاسأله , واعطى اجوبه لتفسر , فاحتاجت الى تفسير , فانت خلقت لأن الله اراد ان يخلقك "الغايه" يرد ان تعبده "الغايه" وحده يعلم , فهو خالق كل شيئ ولامكننا فهمه.
لماذا نموت"الغايه" الله خلقك ويريد ان ينهي حياتك ليبدأ بمحاسبتك "الغايه" وحده يعلم , فهو خالق كل شيئ ويمكننا فهمه.
واسألة الغايه لايمكن ان تنتهي , لكن الدين وجد ايضأ ثغره بهذا التصور , فالله موجود في نهاية هذه السلسه , وهو يملك غايه "هي موجوده"ولكن لايمكن ادراكها من قبل العقول الفانيه.
كل الذي فعله الدين هو ايصال التفسير الغائي الى الموقع الذي لايمكن التقدم بعده , لقد اوصل التفكير الى نهايه مسدوده , اما العلم فهو يفسر كل الامور بطيرقه تجريبيه ليوصل الدماغ الى معرفه فيزيائيه او على الاقل تصميمه لما يحدث حوله.